المكان : إن المادة المحسوسة المحيطة بنا لها ثلاث أبعاد مشاهدة بالعين (س، ص، ع) و ما تشغله من حيز يعتبر مكان لها و عن حركة هذه المادة ينتج الزمن و الذي من خلاله نشاهد الأحداث تمر علينا عبر هذه البوابة.
الآن اعتبر العلماء الزمن هو البعد الرابع في التمثيل الرياضي لحركة المادة، و من وجهة نظر رياضية بحته أصبح بإمكان الإنسان تخيل أبعاد متعددة (أنظر أحد مقاطع اليوتيوب السابقة في صفحتي و التي توضح شكل المكعب في أربعة أبعاد)، و في الرياضيات البحتة تكلموا عن ن من الأبعاد، و فيزيائياً وصلنا إلى البعد الحادي عشر.
عموما نتوقع أن العالم الغير محسوس بالنسبة للبشر و هو مخلوق و فيه الجن و الملائكة كمخلوقات في أبعاد مختلفة، لهذا يختلف بعد الزمن بالنسبة لهم {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا} [الجن : 8].
و تغير المكان قد يكون مشاهد إذا حدث بسرعة طبيعية، و لكن إذا زادت السرعة يكاد أن يكون التغير غير مشاهد مثل دوران مروحة الطائرة حيث يمكن مشاهدة أجنحتها بالعين في السرعات المنخفضة و لا يمكن هذا عند السرعات العالية.
المكان الذي يحتوي المادة المحسوسة متشابهة في البناء من الذرة إلى المجرة و هو يأخذ شكل الصور من بعيد {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا} [الكهف : 99]، و نلاحظ قول الحق عز و جل نفخ في الصور و ليس بالصور.
مع العلم أن السموات و الأرض اختارتا أن تكونا طائعتين {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت : 11]، و حمل الأمانة الإنسان {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب : 72]، و لا تغيير في المكان إلا حسب النواميس الكونية التي وضعها الخالق {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الكهف : 77]، فإرادة الجدار لتغيير المكان كانت طاعة للنواميس الكونية.
و في قوله تعالى {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف : 143]، و مكان الجبل الذي تجلى عليه نور الخالق عز و جل لم يستقر مكانه بل جعله دكا.
و المكان يمكن وصفه بالجهات {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا} [مريم : 16]، {فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا} [مريم : 22]، {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم : 57]، {فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى} [طه : 58]، {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج : 26].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق