هِيَ طِفْلَةٌ .. لَكِنَّهَا لَيْسَتْ كَكُلِّ الأطفالِ ...
نَعَمْ طِفْلَةٌ ،، طَرَيْفَةٌ ،،
حَبِيْبَةٌ ،، تُحَبَّ كُلَّ النَّاسِ ،،، لَا تَسْتَوْحِشُ مِنْ أَحَدٍ إِذَا
كَلَّمَهَا ،،،
تَرَىَ إِلَى أَعْيَنِ الْنَّاسِ
الْنَّاظِرِيْنَ إِلَيْهَا ... وَ تَسْتَطِيْعُ أَنْ تَقْرَأَ شَيْئاً مِنْ
أَفْكَارِهِمْ.
تَعَوَّدْتُ أَنْ يَنْظُرَ
إِلَيْهَا الْنَّاسُ بِالْشَّفَقَةِ وَ الرَّحْمَةِ ... فَهِيَ لَدَيْهَا يَدَانِ
وَ لَكِنْ لا تَقْدِرُ عَلَىَ رَفْعِهِمَا ,,, وَ لَدَيْهَا قَدَمَانِ وَ لَكِنْ
لا تَحْمِلانِهَا ...
نَعَمْ كَبُرْتْ وَ هِيَ عَلَىَ
كُرْسِيّهَا ,,, لا يَتَحَرَّكُ مِنْهَا إِلاّ رَقَبَتَهَا وَ لِسَانٌ حُلْوٌ ..
وَ عَيْنَاهَا الْجَمِيْلَتَانِ.
أَبُوْهَا وَ أُمُّهَا لا
يَرْفُضَانِ لَهَا طَلَبٌ ... لَعَلَّ هَذَا مِنْ وَاجِبِهِمَا ،، وَ لَعَلَّهُمَا
يُعَوِّضَانِهَا عَمَّا تَفْقِدُهُ ،،،
اقْتَرَبَ الْعِيْدُ ،، وَ نَحْنُ
فِيْ آَخِرِ جُمُعَةٍ إِلَيْهِ ،،، كُلُّ أبٍ وَ أُمٍُ يَتَسَابَقُوْنَ لِشِرَاءِ
مَلابِسِ الْعِيدِ لَأَبْنَائِهِمْ وَ بَنَاتِهِمْ ،،، يَذْهَبُوْنَ لِلْأَسْوَاقِ
وَ يَتَبْضَّعُونَ وَ يَمْرَحُونْ ..
نِسْرِيْنُ لَمْ تَتَأَلَّمْ
لِهَذَا كُلِّهِ ... فَهِيَ صَابِرَةٌ وَ مُحْتَسِبَةٌ „„„„ وَ لَكِنْ فِيْ هَذِهِ
الْجُمُعَةِ وَ أَبَاهَا فِيْ طَرِيْقِهِ لِلْخُرُوْجِ مِنْ الْمَنْزِلِ إِلَىَ الْجَامِعِ
،، نَظَرْتْ إِلَيْهِ وَ نَادَتْهُ : بَابَا .. بَابَا .. خُذْنِيْ مَعَكَ إِلَىَ الْمَسْجِدِ ....!
الْتَفَتَ إِلَيْهَا أَبُوْهَا ...
مُبْتَسِمَاً كَعَادَتِهِ .. وَ قَالَ : الْمَسْجِدُ ،، الْمَسْجِدُ ،، الْيَوْمُ
ْجُمُعَةٌ ،، وَ الْجَوُّ حَارٌ ،، وَ الْجَامِعُ مُزْدَحِمٌ يَا ابِنْتِيَ !!.
حَرَّكَتْ نِسْرِيْنُ رَقَبَتَهَا
يَمِيْنَاً وَ يَسَارَاً „„ ثُمَّ قَالَتْ: لَكِنِّيْ سَأَذْهَبُ،،، يَعْنِيْ سَأَذْهَبُ!
وَافَقَ الْأَبُ بِسُرْعَةِ
الرِّيَاحِ ،،، إِنَّهُ لا يَرْفُضُ طَلَبَاتِهَا أَبَداً...
سَاقَ لَهَا عَرَبَتَهَا ،، وَ
انْطَلَقَ بِهَا إِلَىَ الْمَسْجِدِ،، وَ جَلَسَ جَانِبَهَا فِيْ الْصَّفِّ
الْأَخِيرِ ...
فِيْ الْخُطْبَةِ ،، عَدَّدَ
الْخَطِيْبُ سَبْعَ أَوْجِهٍ لَلْعَطَاءِ ،،، يَسْتَطِيْعُ الْإِنْسَانُ,, كُلُّ
إِنْسَانٍ أَنْ يَبْذُلَ مِنْ خِلَالِهَا :
الْمَالُ وَ الْعِلْمُ وَ
بَعْدَهُمَا الْوَقْتُ ثُمَّ التَّسَامُحُ وَ التَّوَاصُلُ وَ الْتَّشْجِيْعُ وَ
آخِرُهَا الْإِنْصَاتُ ...
سَبْعَ أَوْجُهٍ ،، لَا يَخْلُوَ
الْإِنْسَانُ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَىَ أَحَدِهَا ...
انْتَهَتْ الْخُطْبَةِ „„„ وَ بَعْدَ الصَّلَاةِ
طَلَبْتْ الْطِّفْلَةُ مِنْ أَبِيْهَا مُقَابَلَةِ الْشَّيْخِ الْخَطِيْبِ ،،، تَوَقّعَ
أَبُوْهَا أَنَّ الْلِّقَاءَ مِنْ بَابِ حُبِّ الاسْتِطْلاعِ وَ الْمُصَافَحَةِ
فَقَطْ...
سَاقَ عَرَبَتَهَا إِلَىَ
مُقَدَّمَةِ الْجَامِعِ .. وَ الْتَفَتَ الْخَطِيْبُ إِلَيْهَا وَ بِادَرَهَا بِالْمُصَافَحَةِ
وَ الْدُّعَاءِ لها„ لَكنَّهَا سَأَلْتِ الْخَطِيْبَ قَائِلَةً : يَا شِيْخُ مِثْلِي أَنَا
مَاذَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْطِيَ... ؟
فَقَالَ الْإِمَامُ : الْوَقْتُ يَا
ابْنَتِيَ ،،، و قد كَانَتْ الْإِجَابَةُ ضِمْنَ الْخُطْبَةِ „„ وَ انْتَهَىَ الْلِّقَاءِ.
عَادَتْ نِسْرِيْنَ إِلَى
الْبَيْتِ „„„ وَ كَانَتْ خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ تَتَرَدَّدُ فِيْ أُذُنَيْهَا„„ أَوْجُهُ
الْعَطَاءِ الْسَّبْعَةِ!؟
وَ فِيْ لَيْلَةِ الْعِيِدِ
نَادَتْ أَبَاهَا وَ قَالَتْ: بَابا اشْتَرْ لِيَ مَجْمُوْعَةَ زِهْورٍ وَ
وُرُوْدٍ مُخْتَلِفَةً وَ مُشْكّلَةً وَ جَمِيْلَةً وَ رَائِحَتَهَا زَكِيَّةً ...
لَمْ يَسْأَلِ الْأَبُ لِمَاذَا .. فَقَدْ عَوّدَهَا أَنَّ طَلَبَاتِهَا أَوَامِرٌ
بِالْنِّسْبَةِ لَهُ ...
ذَهَبَ وَ أَحْضَرَ طَلَبَتَهَا „„ وَ وَضَعَها بِينَ
يَدَيْهَا „„„ عَلَى الطَّاوِلَةِ „„ لَعَلَّهَا تَتَأَمَّلُ بِهِا „„„ فَيَدْخُلُهَا السُّرُوْرِ !!
مَضَتْ لَيْلَةُ الْعِيْدِ
سَرِيْعَاً عَلَىَ الْجَمِيْعِ ...
وَ فِيْ الْصَبَاحِ وَ بَعْدَ
صَلَاةِ الْعِيْدِ „„„ عَادَ أَبُوْهَا مِنْ الْجَامِعِ „„ لِيَضَعَ قُبْلَتَهُ
الْحَارَّةِ عَلَىَ جَبِيْنِهَا الْمَشْرِقِ : كُلُّ عَامٍ وَ أنْتِ بِخَيْرٍ „„„ كَانَ رَدُّهَا
: بَابا أَأَطْلُبُ مِنْكَ طَلَباً ؛
قَالَ : اطْلُبِيْ حَبِيْبَتِيْ ؛
قَالَتْ : قَرَّرْتُ أَنْ أُعْطِيَ
وَقْتِيْ هَذَا الْيَوْمِ „„„ يَوْمُ الْعِيْدِ „„ إِلَىَ مَنْ هُمْ أَحْوَجُ لَهُ مِنِّيْ„„
قَالَ: كَيْفَ ؛
قَالَتْ : خُذْنِيْ إِلَى الْمُسْتَشْفَى
„„ أُرِيْدُ أَنْ أُعْطِيَهُ الْمَرْضَى .. فَهُوَ أَغْلَى مَا
أَمْلِكُ؛
نَعَمْ فِيْ هَذِهِ الْمَرَّةِ
سَاقَ أَبُوْهَا الْعَرَبَةَ عَلَىَ مَضَضٍ ،، وَ فِيْ رَدَهَاتِ الْمُسْتَشْفَى „„ كَانَتْ تُوْمِئُ
بِرَأْسِهَا .. الْجُزْءِ الْمُتَحَرِّكِ الْوَحِيْدِ مِنْ جَسَدِهَا .. وَ تَقُوْلُ:
بَابا أَعْطِ هَذَا وَرْدَةً „„ وَ أعْطِ هَذَا وَرْدَةً ،، وَ تَوَزِّعُ الْوُرُودَ وَ هِيَ تَمْشِيْ
دَاخِلَ الْمُسْتَشْفَى ,, وَ يَدُوْرُ فِيْ خَلَدِهَا قَوْلُ الْإِمَامِ "سَبْعُ
أَوْجُهٍ لَلْعَطَاءِ ..
وَ فِيْ أَحَدِ الأَسْيَابِ
شَاهَدْتْ بَاباً مَفْتُوْحاً إِلَىَ مُنْتَصَفِهِ ،، حَرَّكَتْ رَأْسَهَا
لِتَنْظُرَ مَنْ بِدَاخِلِ هَذِهِ الْغُرْفَةِ ،، فَإِذَا بِهَا بإمْرَاةٍ
عَجُوَزٍ ،، جَلَسْتِ الْقُرْفُصَاءَ ،، تَبْكِيْ لِوَحْدِهَا „„ فِيْ يَوْمِ عِيْدَهَا
.. نَادَتْ الْطِّفْلَةُ : بَابا .. أَدْخِلْنِيْ عِنْدَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ ..
دَفَعَ الْأَبُ الْبَابَ
بِهُدُوْءٍ .. فَرَفَعْتْ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا بِهُدُوْءٍ .. فَإِذَا هِيَ
تَبْكِيْ .. نَظَرْتْ إِلَىَ الْطِّفْلَةِ .. فَزَادَ بُكَاؤُهَا .. تَوَجَّهْتْ
إِلَيْهَا الْطِّفْلَةُ بِسُؤَالٍ : مَا يُبْكِيْكِ ؟!! ..
وَ نَظْرَةٌ أُخْرَىَ تَجْعَلُهَا
تُجْهِشُ بِالْبُكَاءِ ... نَظَرَتْ نِسْرِيْنُ إِلَىَ أَبِيْهَا الَّذِيْ وَقَفَ
وَاجِمَاً ... وَ قَالَتْ : ضَعْنِي بِجَانِبِهَا عَلَىَ الْسَّرِيْرِ يَا بَابَا
... حَمْلَهَا أَبُوْهَا بَيْنَ ذِرَاعَيْهِ .. أَقْعَدَهَا بِجِوَارِ الْعَجوزَةِ
عَلَىَ السَّرِيْرِ ..
هَدَأَتْ الْمَرْأَةُ مِنَ
الْبُكَاءِ .. وَ قَالَتْ : يَا ابْنَتِي .. كَمْ مِنْ عِيْدٍ وَ عِيْدٍ مَرّ
عَلَيَّ وَحِيْدَةً ... عَلَىَ هَذَا الْسَّرِيْرِ ... وَ لَيْلَةَ الْبَارِحَةِ
،، سَأَلْتُ الْلَّهَ الْعَظِيْمَ أَنْ لا يَمُرَّ عَلَيَّ هَذَا الْعِيْدُ وَ
أَنَا وَحِيْدَةً „ فَقَدْ يَكُوْنُ آَخِرَ عِيْدٍ لِيَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ... وَ يَوْمَ
أَنْ رَأَيْتُكِ قَادِمَةً ... عَلِمْتُ أَنّ رَبِّيَ قَدْ أَجَابَ دَعْوَتِي ... فَالْحَمْدُ
لِلَّهِ !!!.
وَ بِدُمُوْعِ الْخُشُوعِ وَ
الْحُبِّ زَادَ بُكَاءُ الْعَجُوزِ وَ الْطِّفْلَةِ ... وَ مَا كَانَ مِنْ الْمَرْأَةِ
إِلاَّ أَنْ ضَمَّتْ الْطِّفْلَةَ عَلَى صَدْرِهَا „„„„ وَ عِنْدَمَا أَصْبَحَ
قَلْبُهَا عَلَىَ قَلْبِهَا „„„ أَخَذَتِ الْطِّفْلَةُ ذِرَاعَيْهَا وَ احْتَضَنَتِ الْمَرْأَةَ بِقُوَّةٍ
أَكْبَرُ„„ وَسَطَ دَهْشَةِ الْأَبِ الَّذِيْ أَلْجَمَهُ الْمَوْقِفُ عَنِ
الْكَلامِ „„„
ثُمَّ نَطَقَ بِدَهْشَةٍ : يَا
ابْنَتِيَ يَدَاكِ تَحَرَّكَتَا ،،،، وَ الْطِّفْلَةُ مِنْ شِدَّةِ الْمَوْقِفِ
لَمْ تُصَدِّقْ مَا حَدَثْ ،،، فَالْتَفَتَتْ إِلَىَ أَبِيْهَا ،،، وَ رَمَتْ نَفْسَهَا
مِنْ عَلَى السَّرِيْرِ ... فَإِذَا هِيَ وَاقْفَةٌ عَلَىَ قَدَمَيْهَا .... وَ
احْتَضَنَتْ أَبَاهَا بِقُوَّةٍ ... وَ كَأَنَّهُ يَحْلُمُ حُلُماً فِيْ
الْيَقَظَةِ!
أَطَالَ الْأَبُ وَ ابْنَتَهُ
الْحَدِيْثَ مَعَ الْسَّيِّدَةِ الْكَبِيْرَةِ ... وَ لَمْ يَخَرُجَا مِنْ
عِنْدِهَا حَتَّىَ رَضِيَتْ عَنْهُمَا ...
فَخَرَجَ الْأَبُ وَاضِعاً يَدَهُ
فِيْ يَدِ ابْنَتِهِ ،،،، وَ هِيَ تَمْشِيَ عَلَىَ قَدَمَيْهَا!
هِيَ طِفْلَةٌ .. لَكِنَّهَا لَيْسَتْ كَكُلِّ الأطفالِ ...
نَعَمْ طِفْلَةٌ ،، طَرَيْفَةٌ ،، حَبِيْبَةٌ ،، تُحَبَّ كُلَّ النَّاسِ ،،، لَا تَسْتَوْحِشُ مِنْ أَحَدٍ إِذَا كَلَّمَهَا ،،،
تَرَىَ إِلَى أَعْيَنِ الْنَّاسِ الْنَّاظِرِيْنَ إِلَيْهَا ... وَ تَسْتَطِيْعُ أَنْ تَقْرَأَ شَيْئاً مِنْ أَفْكَارِهِمْ.
تَعَوَّدْتُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا الْنَّاسُ بِالْشَّفَقَةِ وَ الرَّحْمَةِ ... فَهِيَ لَدَيْهَا يَدَانِ وَ لَكِنْ لا تَقْدِرُ عَلَىَ رَفْعِهِمَا ,,, وَ لَدَيْهَا قَدَمَانِ وَ لَكِنْ لا تَحْمِلانِهَا ...
نَعَمْ كَبُرْتْ وَ هِيَ عَلَىَ كُرْسِيّهَا ,,, لا يَتَحَرَّكُ مِنْهَا إِلاّ رَقَبَتَهَا وَ لِسَانٌ حُلْوٌ .. وَ عَيْنَاهَا الْجَمِيْلَتَانِ.
أَبُوْهَا وَ أُمُّهَا لا يَرْفُضَانِ لَهَا طَلَبٌ ... لَعَلَّ هَذَا مِنْ وَاجِبِهِمَا ،، وَ لَعَلَّهُمَا يُعَوِّضَانِهَا عَمَّا تَفْقِدُهُ ،،،
اقْتَرَبَ الْعِيْدُ ،، وَ نَحْنُ فِيْ آَخِرِ جُمُعَةٍ إِلَيْهِ ،،، كُلُّ أبٍ وَ أُمٍُ يَتَسَابَقُوْنَ لِشِرَاءِ مَلابِسِ الْعِيدِ لَأَبْنَائِهِمْ وَ بَنَاتِهِمْ ،،، يَذْهَبُوْنَ لِلْأَسْوَاقِ وَ يَتَبْضَّعُونَ وَ يَمْرَحُونْ ..
نِسْرِيْنُ لَمْ تَتَأَلَّمْ لِهَذَا كُلِّهِ ... فَهِيَ صَابِرَةٌ وَ مُحْتَسِبَةٌ „„„„ وَ لَكِنْ فِيْ هَذِهِ الْجُمُعَةِ وَ أَبَاهَا فِيْ طَرِيْقِهِ لِلْخُرُوْجِ مِنْ الْمَنْزِلِ إِلَىَ الْجَامِعِ ،، نَظَرْتْ إِلَيْهِ وَ نَادَتْهُ : بَابَا .. بَابَا .. خُذْنِيْ مَعَكَ إِلَىَ الْمَسْجِدِ ....!
الْتَفَتَ إِلَيْهَا أَبُوْهَا ... مُبْتَسِمَاً كَعَادَتِهِ .. وَ قَالَ : الْمَسْجِدُ ،، الْمَسْجِدُ ،، الْيَوْمُ ْجُمُعَةٌ ،، وَ الْجَوُّ حَارٌ ،، وَ الْجَامِعُ مُزْدَحِمٌ يَا ابِنْتِيَ !!.
حَرَّكَتْ نِسْرِيْنُ رَقَبَتَهَا يَمِيْنَاً وَ يَسَارَاً „„ ثُمَّ قَالَتْ: لَكِنِّيْ سَأَذْهَبُ،،، يَعْنِيْ سَأَذْهَبُ!
وَافَقَ الْأَبُ بِسُرْعَةِ الرِّيَاحِ ،،، إِنَّهُ لا يَرْفُضُ طَلَبَاتِهَا أَبَداً...
سَاقَ لَهَا عَرَبَتَهَا ،، وَ انْطَلَقَ بِهَا إِلَىَ الْمَسْجِدِ،، وَ جَلَسَ جَانِبَهَا فِيْ الْصَّفِّ الْأَخِيرِ ...
فِيْ الْخُطْبَةِ ،، عَدَّدَ الْخَطِيْبُ سَبْعَ أَوْجِهٍ لَلْعَطَاءِ ،،، يَسْتَطِيْعُ الْإِنْسَانُ,, كُلُّ إِنْسَانٍ أَنْ يَبْذُلَ مِنْ خِلَالِهَا :
الْمَالُ وَ الْعِلْمُ وَ بَعْدَهُمَا الْوَقْتُ ثُمَّ التَّسَامُحُ وَ التَّوَاصُلُ وَ الْتَّشْجِيْعُ وَ آخِرُهَا الْإِنْصَاتُ ...
سَبْعَ أَوْجُهٍ ،، لَا يَخْلُوَ الْإِنْسَانُ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَىَ أَحَدِهَا ...
انْتَهَتْ الْخُطْبَةِ „„„ وَ بَعْدَ الصَّلَاةِ طَلَبْتْ الْطِّفْلَةُ مِنْ أَبِيْهَا مُقَابَلَةِ الْشَّيْخِ الْخَطِيْبِ ،،، تَوَقّعَ أَبُوْهَا أَنَّ الْلِّقَاءَ مِنْ بَابِ حُبِّ الاسْتِطْلاعِ وَ الْمُصَافَحَةِ فَقَطْ...
سَاقَ عَرَبَتَهَا إِلَىَ مُقَدَّمَةِ الْجَامِعِ .. وَ الْتَفَتَ الْخَطِيْبُ إِلَيْهَا وَ بِادَرَهَا بِالْمُصَافَحَةِ وَ الْدُّعَاءِ لها„ لَكنَّهَا سَأَلْتِ الْخَطِيْبَ قَائِلَةً : يَا شِيْخُ مِثْلِي أَنَا مَاذَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْطِيَ... ؟
فَقَالَ الْإِمَامُ : الْوَقْتُ يَا ابْنَتِيَ ،،، و قد كَانَتْ الْإِجَابَةُ ضِمْنَ الْخُطْبَةِ „„ وَ انْتَهَىَ الْلِّقَاءِ.
عَادَتْ نِسْرِيْنَ إِلَى الْبَيْتِ „„„ وَ كَانَتْ خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ تَتَرَدَّدُ فِيْ أُذُنَيْهَا„„ أَوْجُهُ الْعَطَاءِ الْسَّبْعَةِ!؟
وَ فِيْ لَيْلَةِ الْعِيِدِ نَادَتْ أَبَاهَا وَ قَالَتْ: بَابا اشْتَرْ لِيَ مَجْمُوْعَةَ زِهْورٍ وَ وُرُوْدٍ مُخْتَلِفَةً وَ مُشْكّلَةً وَ جَمِيْلَةً وَ رَائِحَتَهَا زَكِيَّةً ... لَمْ يَسْأَلِ الْأَبُ لِمَاذَا .. فَقَدْ عَوّدَهَا أَنَّ طَلَبَاتِهَا أَوَامِرٌ بِالْنِّسْبَةِ لَهُ ...
ذَهَبَ وَ أَحْضَرَ طَلَبَتَهَا „„ وَ وَضَعَها بِينَ يَدَيْهَا „„„ عَلَى الطَّاوِلَةِ „„ لَعَلَّهَا تَتَأَمَّلُ بِهِا „„„ فَيَدْخُلُهَا السُّرُوْرِ !!
مَضَتْ لَيْلَةُ الْعِيْدِ سَرِيْعَاً عَلَىَ الْجَمِيْعِ ...
وَ فِيْ الْصَبَاحِ وَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيْدِ „„„ عَادَ أَبُوْهَا مِنْ الْجَامِعِ „„ لِيَضَعَ قُبْلَتَهُ الْحَارَّةِ عَلَىَ جَبِيْنِهَا الْمَشْرِقِ : كُلُّ عَامٍ وَ أنْتِ بِخَيْرٍ „„„ كَانَ رَدُّهَا : بَابا أَأَطْلُبُ مِنْكَ طَلَباً ؛
قَالَ : اطْلُبِيْ حَبِيْبَتِيْ ؛
قَالَتْ : قَرَّرْتُ أَنْ أُعْطِيَ وَقْتِيْ هَذَا الْيَوْمِ „„„ يَوْمُ الْعِيْدِ „„ إِلَىَ مَنْ هُمْ أَحْوَجُ لَهُ مِنِّيْ„„
قَالَ: كَيْفَ ؛
قَالَتْ : خُذْنِيْ إِلَى الْمُسْتَشْفَى „„ أُرِيْدُ أَنْ أُعْطِيَهُ الْمَرْضَى .. فَهُوَ أَغْلَى مَا أَمْلِكُ؛
نَعَمْ فِيْ هَذِهِ الْمَرَّةِ سَاقَ أَبُوْهَا الْعَرَبَةَ عَلَىَ مَضَضٍ ،، وَ فِيْ رَدَهَاتِ الْمُسْتَشْفَى „„ كَانَتْ تُوْمِئُ بِرَأْسِهَا .. الْجُزْءِ الْمُتَحَرِّكِ الْوَحِيْدِ مِنْ جَسَدِهَا .. وَ تَقُوْلُ: بَابا أَعْطِ هَذَا وَرْدَةً „„ وَ أعْطِ هَذَا وَرْدَةً ،، وَ تَوَزِّعُ الْوُرُودَ وَ هِيَ تَمْشِيْ دَاخِلَ الْمُسْتَشْفَى ,, وَ يَدُوْرُ فِيْ خَلَدِهَا قَوْلُ الْإِمَامِ "سَبْعُ أَوْجُهٍ لَلْعَطَاءِ ..
وَ فِيْ أَحَدِ الأَسْيَابِ شَاهَدْتْ بَاباً مَفْتُوْحاً إِلَىَ مُنْتَصَفِهِ ،، حَرَّكَتْ رَأْسَهَا لِتَنْظُرَ مَنْ بِدَاخِلِ هَذِهِ الْغُرْفَةِ ،، فَإِذَا بِهَا بإمْرَاةٍ عَجُوَزٍ ،، جَلَسْتِ الْقُرْفُصَاءَ ،، تَبْكِيْ لِوَحْدِهَا „„ فِيْ يَوْمِ عِيْدَهَا .. نَادَتْ الْطِّفْلَةُ : بَابا .. أَدْخِلْنِيْ عِنْدَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ ..
دَفَعَ الْأَبُ الْبَابَ بِهُدُوْءٍ .. فَرَفَعْتْ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا بِهُدُوْءٍ .. فَإِذَا هِيَ تَبْكِيْ .. نَظَرْتْ إِلَىَ الْطِّفْلَةِ .. فَزَادَ بُكَاؤُهَا .. تَوَجَّهْتْ إِلَيْهَا الْطِّفْلَةُ بِسُؤَالٍ : مَا يُبْكِيْكِ ؟!! ..
وَ نَظْرَةٌ أُخْرَىَ تَجْعَلُهَا تُجْهِشُ بِالْبُكَاءِ ... نَظَرَتْ نِسْرِيْنُ إِلَىَ أَبِيْهَا الَّذِيْ وَقَفَ وَاجِمَاً ... وَ قَالَتْ : ضَعْنِي بِجَانِبِهَا عَلَىَ الْسَّرِيْرِ يَا بَابَا ... حَمْلَهَا أَبُوْهَا بَيْنَ ذِرَاعَيْهِ .. أَقْعَدَهَا بِجِوَارِ الْعَجوزَةِ عَلَىَ السَّرِيْرِ ..
هَدَأَتْ الْمَرْأَةُ مِنَ الْبُكَاءِ .. وَ قَالَتْ : يَا ابْنَتِي .. كَمْ مِنْ عِيْدٍ وَ عِيْدٍ مَرّ عَلَيَّ وَحِيْدَةً ... عَلَىَ هَذَا الْسَّرِيْرِ ... وَ لَيْلَةَ الْبَارِحَةِ ،، سَأَلْتُ الْلَّهَ الْعَظِيْمَ أَنْ لا يَمُرَّ عَلَيَّ هَذَا الْعِيْدُ وَ أَنَا وَحِيْدَةً „ فَقَدْ يَكُوْنُ آَخِرَ عِيْدٍ لِيَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ... وَ يَوْمَ أَنْ رَأَيْتُكِ قَادِمَةً ... عَلِمْتُ أَنّ رَبِّيَ قَدْ أَجَابَ دَعْوَتِي ... فَالْحَمْدُ لِلَّهِ !!!.
وَ بِدُمُوْعِ الْخُشُوعِ وَ الْحُبِّ زَادَ بُكَاءُ الْعَجُوزِ وَ الْطِّفْلَةِ ... وَ مَا كَانَ مِنْ الْمَرْأَةِ إِلاَّ أَنْ ضَمَّتْ الْطِّفْلَةَ عَلَى صَدْرِهَا „„„„ وَ عِنْدَمَا أَصْبَحَ قَلْبُهَا عَلَىَ قَلْبِهَا „„„ أَخَذَتِ الْطِّفْلَةُ ذِرَاعَيْهَا وَ احْتَضَنَتِ الْمَرْأَةَ بِقُوَّةٍ أَكْبَرُ„„ وَسَطَ دَهْشَةِ الْأَبِ الَّذِيْ أَلْجَمَهُ الْمَوْقِفُ عَنِ الْكَلامِ „„„
ثُمَّ نَطَقَ بِدَهْشَةٍ : يَا ابْنَتِيَ يَدَاكِ تَحَرَّكَتَا ،،،، وَ الْطِّفْلَةُ مِنْ شِدَّةِ الْمَوْقِفِ لَمْ تُصَدِّقْ مَا حَدَثْ ،،، فَالْتَفَتَتْ إِلَىَ أَبِيْهَا ،،، وَ رَمَتْ نَفْسَهَا مِنْ عَلَى السَّرِيْرِ ... فَإِذَا هِيَ وَاقْفَةٌ عَلَىَ قَدَمَيْهَا .... وَ احْتَضَنَتْ أَبَاهَا بِقُوَّةٍ ... وَ كَأَنَّهُ يَحْلُمُ حُلُماً فِيْ الْيَقَظَةِ!
أَطَالَ الْأَبُ وَ ابْنَتَهُ الْحَدِيْثَ مَعَ الْسَّيِّدَةِ الْكَبِيْرَةِ ... وَ لَمْ يَخَرُجَا مِنْ عِنْدِهَا حَتَّىَ رَضِيَتْ عَنْهُمَا ...
فَخَرَجَ الْأَبُ وَاضِعاً يَدَهُ فِيْ يَدِ ابْنَتِهِ ،،،، وَ هِيَ تَمْشِيَ عَلَىَ قَدَمَيْهَا!
نَعَمْ طِفْلَةٌ ،، طَرَيْفَةٌ ،، حَبِيْبَةٌ ،، تُحَبَّ كُلَّ النَّاسِ ،،، لَا تَسْتَوْحِشُ مِنْ أَحَدٍ إِذَا كَلَّمَهَا ،،،
تَرَىَ إِلَى أَعْيَنِ الْنَّاسِ الْنَّاظِرِيْنَ إِلَيْهَا ... وَ تَسْتَطِيْعُ أَنْ تَقْرَأَ شَيْئاً مِنْ أَفْكَارِهِمْ.
تَعَوَّدْتُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا الْنَّاسُ بِالْشَّفَقَةِ وَ الرَّحْمَةِ ... فَهِيَ لَدَيْهَا يَدَانِ وَ لَكِنْ لا تَقْدِرُ عَلَىَ رَفْعِهِمَا ,,, وَ لَدَيْهَا قَدَمَانِ وَ لَكِنْ لا تَحْمِلانِهَا ...
نَعَمْ كَبُرْتْ وَ هِيَ عَلَىَ كُرْسِيّهَا ,,, لا يَتَحَرَّكُ مِنْهَا إِلاّ رَقَبَتَهَا وَ لِسَانٌ حُلْوٌ .. وَ عَيْنَاهَا الْجَمِيْلَتَانِ.
أَبُوْهَا وَ أُمُّهَا لا يَرْفُضَانِ لَهَا طَلَبٌ ... لَعَلَّ هَذَا مِنْ وَاجِبِهِمَا ،، وَ لَعَلَّهُمَا يُعَوِّضَانِهَا عَمَّا تَفْقِدُهُ ،،،
اقْتَرَبَ الْعِيْدُ ،، وَ نَحْنُ فِيْ آَخِرِ جُمُعَةٍ إِلَيْهِ ،،، كُلُّ أبٍ وَ أُمٍُ يَتَسَابَقُوْنَ لِشِرَاءِ مَلابِسِ الْعِيدِ لَأَبْنَائِهِمْ وَ بَنَاتِهِمْ ،،، يَذْهَبُوْنَ لِلْأَسْوَاقِ وَ يَتَبْضَّعُونَ وَ يَمْرَحُونْ ..
نِسْرِيْنُ لَمْ تَتَأَلَّمْ لِهَذَا كُلِّهِ ... فَهِيَ صَابِرَةٌ وَ مُحْتَسِبَةٌ „„„„ وَ لَكِنْ فِيْ هَذِهِ الْجُمُعَةِ وَ أَبَاهَا فِيْ طَرِيْقِهِ لِلْخُرُوْجِ مِنْ الْمَنْزِلِ إِلَىَ الْجَامِعِ ،، نَظَرْتْ إِلَيْهِ وَ نَادَتْهُ : بَابَا .. بَابَا .. خُذْنِيْ مَعَكَ إِلَىَ الْمَسْجِدِ ....!
الْتَفَتَ إِلَيْهَا أَبُوْهَا ... مُبْتَسِمَاً كَعَادَتِهِ .. وَ قَالَ : الْمَسْجِدُ ،، الْمَسْجِدُ ،، الْيَوْمُ ْجُمُعَةٌ ،، وَ الْجَوُّ حَارٌ ،، وَ الْجَامِعُ مُزْدَحِمٌ يَا ابِنْتِيَ !!.
حَرَّكَتْ نِسْرِيْنُ رَقَبَتَهَا يَمِيْنَاً وَ يَسَارَاً „„ ثُمَّ قَالَتْ: لَكِنِّيْ سَأَذْهَبُ،،، يَعْنِيْ سَأَذْهَبُ!
وَافَقَ الْأَبُ بِسُرْعَةِ الرِّيَاحِ ،،، إِنَّهُ لا يَرْفُضُ طَلَبَاتِهَا أَبَداً...
سَاقَ لَهَا عَرَبَتَهَا ،، وَ انْطَلَقَ بِهَا إِلَىَ الْمَسْجِدِ،، وَ جَلَسَ جَانِبَهَا فِيْ الْصَّفِّ الْأَخِيرِ ...
فِيْ الْخُطْبَةِ ،، عَدَّدَ الْخَطِيْبُ سَبْعَ أَوْجِهٍ لَلْعَطَاءِ ،،، يَسْتَطِيْعُ الْإِنْسَانُ,, كُلُّ إِنْسَانٍ أَنْ يَبْذُلَ مِنْ خِلَالِهَا :
الْمَالُ وَ الْعِلْمُ وَ بَعْدَهُمَا الْوَقْتُ ثُمَّ التَّسَامُحُ وَ التَّوَاصُلُ وَ الْتَّشْجِيْعُ وَ آخِرُهَا الْإِنْصَاتُ ...
سَبْعَ أَوْجُهٍ ،، لَا يَخْلُوَ الْإِنْسَانُ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَىَ أَحَدِهَا ...
انْتَهَتْ الْخُطْبَةِ „„„ وَ بَعْدَ الصَّلَاةِ طَلَبْتْ الْطِّفْلَةُ مِنْ أَبِيْهَا مُقَابَلَةِ الْشَّيْخِ الْخَطِيْبِ ،،، تَوَقّعَ أَبُوْهَا أَنَّ الْلِّقَاءَ مِنْ بَابِ حُبِّ الاسْتِطْلاعِ وَ الْمُصَافَحَةِ فَقَطْ...
سَاقَ عَرَبَتَهَا إِلَىَ مُقَدَّمَةِ الْجَامِعِ .. وَ الْتَفَتَ الْخَطِيْبُ إِلَيْهَا وَ بِادَرَهَا بِالْمُصَافَحَةِ وَ الْدُّعَاءِ لها„ لَكنَّهَا سَأَلْتِ الْخَطِيْبَ قَائِلَةً : يَا شِيْخُ مِثْلِي أَنَا مَاذَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْطِيَ... ؟
فَقَالَ الْإِمَامُ : الْوَقْتُ يَا ابْنَتِيَ ،،، و قد كَانَتْ الْإِجَابَةُ ضِمْنَ الْخُطْبَةِ „„ وَ انْتَهَىَ الْلِّقَاءِ.
عَادَتْ نِسْرِيْنَ إِلَى الْبَيْتِ „„„ وَ كَانَتْ خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ تَتَرَدَّدُ فِيْ أُذُنَيْهَا„„ أَوْجُهُ الْعَطَاءِ الْسَّبْعَةِ!؟
وَ فِيْ لَيْلَةِ الْعِيِدِ نَادَتْ أَبَاهَا وَ قَالَتْ: بَابا اشْتَرْ لِيَ مَجْمُوْعَةَ زِهْورٍ وَ وُرُوْدٍ مُخْتَلِفَةً وَ مُشْكّلَةً وَ جَمِيْلَةً وَ رَائِحَتَهَا زَكِيَّةً ... لَمْ يَسْأَلِ الْأَبُ لِمَاذَا .. فَقَدْ عَوّدَهَا أَنَّ طَلَبَاتِهَا أَوَامِرٌ بِالْنِّسْبَةِ لَهُ ...
ذَهَبَ وَ أَحْضَرَ طَلَبَتَهَا „„ وَ وَضَعَها بِينَ يَدَيْهَا „„„ عَلَى الطَّاوِلَةِ „„ لَعَلَّهَا تَتَأَمَّلُ بِهِا „„„ فَيَدْخُلُهَا السُّرُوْرِ !!
مَضَتْ لَيْلَةُ الْعِيْدِ سَرِيْعَاً عَلَىَ الْجَمِيْعِ ...
وَ فِيْ الْصَبَاحِ وَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيْدِ „„„ عَادَ أَبُوْهَا مِنْ الْجَامِعِ „„ لِيَضَعَ قُبْلَتَهُ الْحَارَّةِ عَلَىَ جَبِيْنِهَا الْمَشْرِقِ : كُلُّ عَامٍ وَ أنْتِ بِخَيْرٍ „„„ كَانَ رَدُّهَا : بَابا أَأَطْلُبُ مِنْكَ طَلَباً ؛
قَالَ : اطْلُبِيْ حَبِيْبَتِيْ ؛
قَالَتْ : قَرَّرْتُ أَنْ أُعْطِيَ وَقْتِيْ هَذَا الْيَوْمِ „„„ يَوْمُ الْعِيْدِ „„ إِلَىَ مَنْ هُمْ أَحْوَجُ لَهُ مِنِّيْ„„
قَالَ: كَيْفَ ؛
قَالَتْ : خُذْنِيْ إِلَى الْمُسْتَشْفَى „„ أُرِيْدُ أَنْ أُعْطِيَهُ الْمَرْضَى .. فَهُوَ أَغْلَى مَا أَمْلِكُ؛
نَعَمْ فِيْ هَذِهِ الْمَرَّةِ سَاقَ أَبُوْهَا الْعَرَبَةَ عَلَىَ مَضَضٍ ،، وَ فِيْ رَدَهَاتِ الْمُسْتَشْفَى „„ كَانَتْ تُوْمِئُ بِرَأْسِهَا .. الْجُزْءِ الْمُتَحَرِّكِ الْوَحِيْدِ مِنْ جَسَدِهَا .. وَ تَقُوْلُ: بَابا أَعْطِ هَذَا وَرْدَةً „„ وَ أعْطِ هَذَا وَرْدَةً ،، وَ تَوَزِّعُ الْوُرُودَ وَ هِيَ تَمْشِيْ دَاخِلَ الْمُسْتَشْفَى ,, وَ يَدُوْرُ فِيْ خَلَدِهَا قَوْلُ الْإِمَامِ "سَبْعُ أَوْجُهٍ لَلْعَطَاءِ ..
وَ فِيْ أَحَدِ الأَسْيَابِ شَاهَدْتْ بَاباً مَفْتُوْحاً إِلَىَ مُنْتَصَفِهِ ،، حَرَّكَتْ رَأْسَهَا لِتَنْظُرَ مَنْ بِدَاخِلِ هَذِهِ الْغُرْفَةِ ،، فَإِذَا بِهَا بإمْرَاةٍ عَجُوَزٍ ،، جَلَسْتِ الْقُرْفُصَاءَ ،، تَبْكِيْ لِوَحْدِهَا „„ فِيْ يَوْمِ عِيْدَهَا .. نَادَتْ الْطِّفْلَةُ : بَابا .. أَدْخِلْنِيْ عِنْدَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ ..
دَفَعَ الْأَبُ الْبَابَ بِهُدُوْءٍ .. فَرَفَعْتْ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا بِهُدُوْءٍ .. فَإِذَا هِيَ تَبْكِيْ .. نَظَرْتْ إِلَىَ الْطِّفْلَةِ .. فَزَادَ بُكَاؤُهَا .. تَوَجَّهْتْ إِلَيْهَا الْطِّفْلَةُ بِسُؤَالٍ : مَا يُبْكِيْكِ ؟!! ..
وَ نَظْرَةٌ أُخْرَىَ تَجْعَلُهَا تُجْهِشُ بِالْبُكَاءِ ... نَظَرَتْ نِسْرِيْنُ إِلَىَ أَبِيْهَا الَّذِيْ وَقَفَ وَاجِمَاً ... وَ قَالَتْ : ضَعْنِي بِجَانِبِهَا عَلَىَ الْسَّرِيْرِ يَا بَابَا ... حَمْلَهَا أَبُوْهَا بَيْنَ ذِرَاعَيْهِ .. أَقْعَدَهَا بِجِوَارِ الْعَجوزَةِ عَلَىَ السَّرِيْرِ ..
هَدَأَتْ الْمَرْأَةُ مِنَ الْبُكَاءِ .. وَ قَالَتْ : يَا ابْنَتِي .. كَمْ مِنْ عِيْدٍ وَ عِيْدٍ مَرّ عَلَيَّ وَحِيْدَةً ... عَلَىَ هَذَا الْسَّرِيْرِ ... وَ لَيْلَةَ الْبَارِحَةِ ،، سَأَلْتُ الْلَّهَ الْعَظِيْمَ أَنْ لا يَمُرَّ عَلَيَّ هَذَا الْعِيْدُ وَ أَنَا وَحِيْدَةً „ فَقَدْ يَكُوْنُ آَخِرَ عِيْدٍ لِيَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ... وَ يَوْمَ أَنْ رَأَيْتُكِ قَادِمَةً ... عَلِمْتُ أَنّ رَبِّيَ قَدْ أَجَابَ دَعْوَتِي ... فَالْحَمْدُ لِلَّهِ !!!.
وَ بِدُمُوْعِ الْخُشُوعِ وَ الْحُبِّ زَادَ بُكَاءُ الْعَجُوزِ وَ الْطِّفْلَةِ ... وَ مَا كَانَ مِنْ الْمَرْأَةِ إِلاَّ أَنْ ضَمَّتْ الْطِّفْلَةَ عَلَى صَدْرِهَا „„„„ وَ عِنْدَمَا أَصْبَحَ قَلْبُهَا عَلَىَ قَلْبِهَا „„„ أَخَذَتِ الْطِّفْلَةُ ذِرَاعَيْهَا وَ احْتَضَنَتِ الْمَرْأَةَ بِقُوَّةٍ أَكْبَرُ„„ وَسَطَ دَهْشَةِ الْأَبِ الَّذِيْ أَلْجَمَهُ الْمَوْقِفُ عَنِ الْكَلامِ „„„
ثُمَّ نَطَقَ بِدَهْشَةٍ : يَا ابْنَتِيَ يَدَاكِ تَحَرَّكَتَا ،،،، وَ الْطِّفْلَةُ مِنْ شِدَّةِ الْمَوْقِفِ لَمْ تُصَدِّقْ مَا حَدَثْ ،،، فَالْتَفَتَتْ إِلَىَ أَبِيْهَا ،،، وَ رَمَتْ نَفْسَهَا مِنْ عَلَى السَّرِيْرِ ... فَإِذَا هِيَ وَاقْفَةٌ عَلَىَ قَدَمَيْهَا .... وَ احْتَضَنَتْ أَبَاهَا بِقُوَّةٍ ... وَ كَأَنَّهُ يَحْلُمُ حُلُماً فِيْ الْيَقَظَةِ!
أَطَالَ الْأَبُ وَ ابْنَتَهُ الْحَدِيْثَ مَعَ الْسَّيِّدَةِ الْكَبِيْرَةِ ... وَ لَمْ يَخَرُجَا مِنْ عِنْدِهَا حَتَّىَ رَضِيَتْ عَنْهُمَا ...
فَخَرَجَ الْأَبُ وَاضِعاً يَدَهُ فِيْ يَدِ ابْنَتِهِ ،،،، وَ هِيَ تَمْشِيَ عَلَىَ قَدَمَيْهَا!
هناك 7 تعليقات:
القصة مشوقة و انهارت دموعي في نهاية القصة وتميل القصة الي المصداقية
قصة رائعة والأروع من كتبتها
مع خالص تحياتي
نسرين
قصه رآئعه ، جميله ، ومفيده
سقطت دموعي لمآ حصل باللحظآت الأخيره
سبحان الله ،
وعلى مايقولون ( الله ياخذ ويعطي )
أتمنى أن تكون تلك القدره على رسم الابتسامه والايمان الخالص لله تعالى مثل ما يكون عند سوسن
أن يكون لجميع الناس ، لـ صارت الدنيا بخير
جميل ماكتبت ..
كل الشكر لك ولقلمك ، وبإنتظار المزيد
(L)!
جدا جدا جدا رائعة تسلم يدك ياخالي الله لا يحرمنا منك ولا من ابداعك
جدا جدا رائعه تسلم يدك الله لا يحرمنا منك ولا من ابداعك
جدا رائعة استاذي طريقة كتابتك للقصه وتصويرك لها
جميله جدا اسلوب وسرد وخاتمه جميله وعبره
سلمت استاذ
إرسال تعليق